قطوف الجُمان



SocialTwist Tell-a-Friend

التاريخ: 2020/03/25

                                                                  

تقرير عن :

الظروف الاستثنائية الحالية ... أهمية رفع الملاءة المالية للشركات المدرجة

من خلال الامتناع عن توزيع الأرباح النقدية للمساهمين

 عن العام الماضي 2019

 إعداد : مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية

 

 

أعلنت حتى الآن 90 شركة مدرجة نتائجها عن العام 2019، وقد عقدت 19 شركة جمعياتها العمومية حتى تاريخه، كما أقرّت 13 شركة توزيع أرباحاً للمساهمين عن العام المذكور، وقد تصادف موسم إعلان نتائج الشركات المدرجة وبدء انعقاد الجمعيات العمومية السنوية مع انتشار وباء "كوفيد-19" في المعظم الساحق من دول العالم، ومنها دولة الكويت.

 وقد أحدث هذا الوباء اضطراباً جذرياً في بيئة الأعمال، مما أدى إلى توقع آثار سلبية جسيمة على المراكز المالية للشركات ونتائجها المالية بدءاً من الربع الأول من العام الجاري 2020، وما بعده، وذلك لأجل غير محدد كما يبدو الوضع عليه حالياً.

ومنذ بداية الشهر الجاري مارس 2020، بدأنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي توصياتنا إلى الشركات المدرجة التي أعلنت نوايا توزيع أرباحاً نقدية للمساهمين للتفكير جدياً في إلغاء تلك التوصيات، سواءً من خلال مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية، وذلك لعدة أسباب جوهرية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:

 

1.تدعيم المراكز المالية للشركات وملاءتها المالية وجدارتها الائتمانية.

 

2. الاحتفاظ بسيولة كافية للتعامل مع الأزمة بأكبر إمكانيات متاحة،  خاصةً في ظل عدم معرفة المدى الزمني لاستمرارية هذه الكارثة .. هل لأسابيع قادمة؟ أو لأشهر تالية؟ أو أكثر من ذلك؟!

 

3. تجنّب الاقتراض من البنوك قدر الإمكان لخفض المخاطر والأعباء، علماً بتوقعنا بتحفظ معظم البنوك في تقديم تسهيلات مصرفية جديدة في ظل الظروف الصعبة الراهنة، ناهيك عن تركيز البنوك حالياً لإدارة القروض الممنوحة قبل الأزمة الحالية والتعقيدات المستجدة المرتبطة بها.

 

4. بناءً على المركز المالي القوي والملاءة المالية المرتفعة، يمكن مستقبلاً الحصول على عقود تمويلية ميسرة في حال الحاجة الماسّة إلى ذلك.

 

5. ربما يعارض بعض المساهمين إلغاء توزيع الأرباح بحجة الإضرار بأسعار أسهمهم بالبورصة، وهذا غير صحيح في رأينا، حيث تعمل آليات العرض والطلب بـ "فسخ" الأرباح من قيمة السهم في البورصة فور استحقاق تلك الأرباح، وذلك بمقدار الأرباح الموزعة، أي أن أسعار الأسهم المعنية ستنخفض تلقائياً بقيمة التوزيعات، وبذلك، لن يكون لها أثراَ في حساب الأرباح والخسائر للمضارب أو المستثمر في غالب الحالات.

 

6. لا شك بأن المال السائل "الكاش" هو الملاذ الأمن حالياً في كل دول العالم في ظل الأزمة الحالية، علماً بأن الذهب – وهو من الملاذات الاستثمارية الآمنة التقليدية – بدء يفقد بريقه نظراً لظروف عدم اليقين السائدة حالياً، مما أدى إلى تذبذب سعره بشكل ملحوظ مؤخراً، بالتالي، فإن التفريط بالأموال السائلة في ظل الظروف الراهنة يعتبر تصرفاً غير حكيماً، حتى إن كان توزيعاً للمساهمين كأرباح.

 

7. إن الامتناع عن توزيع الأرباح للمساهمين سيعزز من القيمة الدفترية للسهم، والذي سينعكس إيجاباً على القيمة السوقية له،  علماً بأن الأرباح الغير موزعة ستبقى لصالح المساهمين ضمن الأرباح المدورة أو الاحتياطيات ضمن حقوق مساهمي الشركة.

 

8. يمكن بعد تجاوز الأزمة الحالية، مع الاحتفاظ بمركز مالي قوي وملاءة مالية مرتفعة توزيع أرباحاَ للمساهمين بعد اتضاح الرؤية وإنخفاض المخاطر إلى درجة مقبولة، وذلك في أي لحظة يرتأيها المساهمون.

 

9. إن توزيع أرباحاَ نقدية مرتفعة نسبياً في ظل هذه الظروف السلبية ربما يعتبر بمثابة القسط الأول من تصفية بعض الشركات في واقع الأمر، والذي يعتبر بداية النهاية لاستمرار تلك الشركات، وربما لوجودها .

 

10. عند توزيع الأرباح للمساهمين بما يؤثر على المركز المالي للشركات بشكل ملحوظ، فإنه في ظل هذه الأزمة ستتم الحاجة إلى الأموال السائلة للتشغيل أو لاستكمال المشاريع القائمة .. إلخ، ولا شك بأنه من شبه المستحيل طلب زيادة رأس المال من المساهمين لتمويل الشركة في ظل هذه الظروف السلبية، كما تتحفظ البنوك على تمويل الشركات لارتفاع المخاطر، مما يضع الشركة المعنية في أزمة حقيقية ومأزق خطير قد يؤدي إلى عواقب وخيمة في نهاية المطاف.

 

وقد قامت شركتين حتى الآن بإلغاء التوزيعات النقدية للمساهيمن، وهما:

 

1. شركة طيران الجزيرة "الجزيرة": حيث أوصى مجلس الإدارة بتاريخ 11/2/2020 بتوزيع أرباح نقدية بنسبة 67.5%، كما أوصى بتاريخ 4/3/2020 بخفضها إلى 35%،  ثم ما لبث أن أوصى بتاريخ 19/3/2020 بإلغاء توزيع الأرباح نهائياً عن العام 2019.

 

2. شركة هيومن سوفت القابضة "هيومن سوفت": أوصى مجلس الإدارة بتاريخ 4/2/2020 بتوزيع أرباح نقدية بنسبة 200%،  وأسهماً مجانية بنسبة 10%، بينما أقرت الجمعية العمومية المنعقدة بتاريخ 23/3/2020 إلغاء توصية مجلس الإدارة بتوزيع أرباحاً نقدية وأسهماً مجانية للمساهمين عن العام 2019.

 

 ونعتقد أن قرارات "الجزيرة" و"هيومن سوفت" بإلغاء توزيع الأرباح على المساهمين - في ظل الظروف الحالية الحرجه والخطره - تعتبر قرارات حصيفة ومهنية وتتسم بالمسئولية الأخلاقية تجاه الشركات المعنية، وبما يصب في صالح المساهمين بكل تأكيد في الدرجة الأولى.

 ونتوقع قيام شركات أخرى بحذو حذو الشركتين أعلاه بخفض أو إلغاء التوزيعات النقدية التي تم التوصية بها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قامت بعض الشركات بتوزيع أرباحاً على المساهيمن، وفي ذات الوقت، طالبت الدولة بدعمها مالياً لمواجهة تداعيات "جائحة كوفيد-19"، والذي يعتبر تناقضاً وموقفاً غير مبرراً إطلاقاً.

 وتتعالى حالياً مطالبات من القطاع الخاص تجاه الدولة لدعمه من تبعات الأزمة الحالية ومساعدته للتصدي لها قدر الإمكان، وذلك للحد من حالات التعثر والإفلاس للعديد من المؤسسات والشركات، حيث يجدر أولاً بالقطاع الخاص إتخاذ التدابير المناسبة من جانبه للحفاظ على استمراريته بالوسائل المتاحة لديه، ومنها عدم توزيع أرباح على المساهمين، وذلك حتى يمكن اقناع الدولة بالدعم الذي يطالب به.

 من جهة أخرى، فإننا نناشد بنك الكويت المركزي الطلب من البنوك التي لم تقر نهائياً توزيع أرباحاً على المساهمين بإلغاء توصياتها لتوزيع الأرباح عن عام 2019، وذلك دعماًً لملاءتها ومراكزها المالية، حيث تشكل البنوك العمود الفقري لاقتصاد جميع الدول، ومنها دولة الكويت، كما أن امتناع البنوك عن توزيع الأرباح للمساهمين في هذه المرحلة الحرجة مدعاة لاستمراريتها وخفض المخاطر المحيطة بها، وفي حال احتياجها لدعم الدولة، يكون ذلك بأقل قدر ممكن تفادياً لدعمها بمبالغ ضخمة للغاية بما يستنفذ جزء مهم من المال العام، والذي يؤثر سلباً وجذرياَعلى مركز الدولة المالي، وذلك في حال عدم احتراز البنوك في هذه المرحلة الحسّاسة والخطرة من خلال الأدوات المتوفرة لديها، ولا شك بأن الامتناع عن توزيع الأرباح هي من أبرز وسائل التحوط والاحتراز المتاحة حالياً لعبور الأزمة بسلام.

 

 

e – mail: info@aljoman.net                    website: www.aljoman.net