تعقيب مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية على ملابسات إعلانات الأرباح غير المحققة



التاريخ :23/03/2006


أعلنت إدارة سوق الكويت للأوراق المالية بتاريخ 7/3/2006 أنه تبين أن الأرباح غير المحققة عن عام 2005 لشركة بيت الاستثمار العالمي ( جلوبل ) تبلغ 23,871,484 د.ك وليس 1,162,195 د.ك كما ورد في إعلان الشركة بتاريخ 11/2/2005 ، وفي تاريخ لاحق في 13/3/2005 أعلنت إدارة السوق عن وجود اختلافات في الأرباح غير المحققة من واقع البيانات المالية عن الأرباح غير المحققة التي أعلنت عنها بعض الشركات ( 8 شركات ) بالإضافة إلى جلوبل كما سيوضحه الجدول أدناه .


وقد قدمت الشركات المعنية تبريرات متباينة حول أسباب ذلك الاختلاف في النتائج غير المحققة وتم تحويل الموضوع للتحقيق في ملابساته من جانب إدارة السوق وذلك من خلال بيانٍ أشار أيضا إلى إمكانية استخدام المتضررين من الموضوع لحقهم في المطالبة وفقا للإجراءات المتبعة ، من جهة أخرى أشار مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية من خلال تقرير له تم نشره بالصحف المحلية في التاسع والعشرون من مايو العام الماضي 2005 بأن الأرقام المعلنة للأرباح غير المحققة هي أقل مما يجب ، والذي يتطلب من إدارة السوق التدقيق في هذا الموضوع الحساس . . . إلى آخر التقرير .


شبهة تزوير


لا شك بأننا بانتظار انتهاء التحقيق لمعرفة حقيقة الأمر لكل حالة على حدة ، وبالرغم من احتمال سلامة النوايا في بعض الحالات إلا أننا نتوقع وجود شبهة تزوير متعمدة في حالات أخرى لتضليل المساهمين والمتداولين بالأسهم بشكل عام بحيث يتم إيهامهم بارتفاع جودة الأرباح المعلنة بكونها محققة في معظمها وبالتالي ارتباطها الوثيق بالنشاط التشغيلي والاحتمالات القوية لاستمرارها مستقبلا الذي يعتبر مدعاة لتعزيز ورفع قيمة السهم المعني في السوق .


وشبهة التزوير المتعمد ليست من فراغ ، فإن إعلانات بعض الشركات المعنية بالموضوع خلال فترات سابقة بشأن الأرباح غير المحققة متناقضة تماما ، وتقل بكثير جدا عن المثبت في قوائمها المالية ، والتناقض المشار إليه لا يقبل الجدل والأخذ والرد حيث إنه مثبت رسميا ، الأمر الذي يوضح تمادي بعض الشركات المدرجة في تضليل المستثمرين منذ فترات سابقة وليس الآن فقط ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يكشف هذا الموضوع الخطير الإهمال الشديد من قبل إدارة سوق الكويت للأوراق المالية في المتابعة والتدقيق في هذا الموضوع الحساس والمفصلي الذي يوجه المسئولية الكبرى لإدارة السوق ، حتى على فرضية عدم التواطؤ مع إدارات بعض الشركات المعنية ، وهذا ما يعني بالضرورة التحقيق مع المعنيين في إدارة السوق بهذا الشأن وكذلك التدقيق في الإعلانات السابقة بما لا يقل عن ثلاث سنوات مضت للتأكد من مطابقة ما أعلن بشأن الأرباح غير المحققة مع البيانات المالية المقدمة سواء كانت سنوية أو مرحلية ، وبالتالي كشف الحقائق للجميع وتحميل المقصرين أو المتلاعبين كافة المسئوليات المترتبة عن تضليل المستثمرين والمتداولين ، ونود أن نوضح بأن البيانات المالية لبعض الشركات المعنية بهذا الموضوع قد تم التصريح بإتاحتها للعموم من قبل إدارة السوق ، الأمر الذي يعني موافقتهم عليها بعد مراجعتها رغم تناقض المعلومات الواردة بها مع إخطار إعلان النتائج ، حيث إن المتعارف عليه أن لا تتاح البيانات المالية للعموم من قبل إدارة السوق إذا كانت تحتوي على مخالفات أو ملاحظات أو تتطلب تعديل من وجهة نظر البورصة .


أثر التلاعب


وتنبع مطالبتنا بمحاسبة المتلاعبين والمقصرين في هذا الموضوع من أهميته البالغة في مدى ثقة المستثمرين في سوق الكويت للأوراق المالية والاقتصاد الكويتي ككل ، حيث تلعب الأرباح غير المحققة دورا حاسما في قرار المستثمر في البيع والشراء ، حيث إنه كلما ارتفعت نسبة تلك الأرباح من إجمالي الأرباح المعلنة كان ذلك مؤشرا سلبيا للسهم المعني ، والعكس صحيح ، فكلما انخفضت نسبة الأرباح غير المحققة أو انعدمت كان ذلك مؤشرا إيجابيا للأرباح المعلنة بحيث يمكن توقع استمرارها مستقبلا نظرا لارتباطها بالنشاط التشغيلي حتى في ظل تقلب الأسواق ، ونعتقد أن معظم – إن لم نقل جميع – الأرباح غير المحققة للعام 2005 قد تبخرت في الربع الأول من 2006 ، كما نتوقع أن تتقلب الأرباح غير المحققة للعام 2005 إلى خسائر غير محققة في الربع الأول من 2006 في بعض الحالات وذلك إذا ما استمر أداء سوق المال على ما عليه الآن حتى نهاية الشهر الجاري .


ويمتد تأثير مبالغ الأرباح غير المحققة إلى تقييم السوق ككل ناهيك عن أثره المباشر للشركة المعنية ، ولتوضيح ذلك الأثر على السوق ككل باختصار فإن مضاعف سعر السوق إلى ربحية السهم للسوق ككل يبلغ حاليا 11 مرة ، وهو ما يعتبر مؤشرا مشجعا للاستثمار في الأسهم ولكن بعد استبعاد الأرباح غير المحققة للشركات والتي نسبتها حتى الآن 21% من إجمالي الأرباح المعلنة يرتفع مضاعف سعر السوق إلى الربحية إلى 13.5 مرة الأمر الذي يعني تضخم الأسعار بشكل عام بمعدل 35% كأثر مباشر للأرباح غير المحققة مما يعتبر مؤشرا غير مشجع بالمقارنة مع المؤشر الأول ، ويمكن الاطلاع على أثر تعديل الأرباح غير المحققة على مؤشر مضاعف سعر السوق إلى الربحية بما يتعلق بالشركات المعنية من خلال الجدول المرفق .


تبريرات واهية


وقد قدمت الشركات المعنية تفسيرات متباينة حول اختلاف النتائج غير المحققة ، وبالرغم من عدم استبعاد صدقية بعضها إلا أن بعضها الآخر يعتبر تبريرات واهية وربما تصل إلى درجة ما يطلق عليه " عذر أقبح من ذنب " ، فقد أقرت أربع شركات بالخطأ ، ولكن يجب التحقيق في كونه خطأً متعمداً أم غير متعمد ؟ في حين قدمت 5 شركات تفسيرات نعتقد أن معظمها غير منطقي من خلال اختراع طرق وأساليب لاحتساب الأرباح غير المحققة لا يمكن وصفها إلا بالمزاجية البحتة بغرض التضليل والتزوير والذي نتمنى أن يتضح للجميع من خلال تحقيق دقيق ومحايد ونزيه .


مدققي الحسابات


وبالرغم من عدم مسئولية مدققي الحسابات عن بعض تجاوزات إدارات الشركات المعنية بهذا الشأن من حيث عدم علاقتهم بإشعار إدارة البورصة عن مطابقة القوائم المالية التي اعتمدوها مع إخطار الشركات إدارة السوق بالنتائج وتحديد ما هو غير محقق منها ، إلا أن دور مدقق الحسابات حساس وحيوي للغاية في تنفيذ المهام الموكلة إليه من قبل المساهمين حيث يتوقع أن تكون هناك تجاوزات خطيرة بالتواطؤ ما بين بعض إدارات الشركات المدرجة ومدققي الحسابات في إظهار الوقائع المالية على غير حقيقتها نظرا للتسيّّب الكبير في أداء بعض مدققي الحسابات لواجباتهم وعدم وجود رقابة جادة لأدائهم من جانب الجهات الرسمية المشرفة عليهم ، وقد كانت هناك أكثر من حالة معلنة تظهر تقصير مدقق الحسابات بواجباته أو محاباته لإدارة الشركة التي يدقق حساباتها بمعنى أصح ، علما بأننا نتوقع وجود حالات كثيرة وخطيرة لكن لم تتوافق الصدف مع اكتشافها !


نخلص من التعقيب على موضوع الأرباح غير المحققة إلى أننا نعيش حاليا أزمة ثقة كبيرة للأسف الشديد والتي هي سبب رئيس في تدهور أسعار الأسهم بشكل غير منطقي حيث تجاوز التراجع مرحلة التصحيح بالمعنى الفني ، مما يتطلب وجوب إعادة الثقة إلى السوق من خلال المعاقبة الصارمة للمتجاوزين والمتلاعبين بالأرقام ، وكذلك نبش التجاوزات الأخرى التي نتوقع أنها كثيرة وجسيمة أيضا ، حيث إنه بإظهار تلك التجاوزات نمنع تفاقمها خلف الكواليس واستئصالها قبل أن تستفحل متى أمكن ، كي لا يصبح علاجها وتطويق تداعياتها صعبا ومكلفا للغاية .


انظر الجدول