تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية



التاريخ :22/01/2006


كثرت العطلات الرسمية خلال الشهر الجاري نظرا لمصادفة عدة مناسبات وأحداث أولها عطلة رأس السنة الميلادية وثانيها عطلة عيد الأضحى وثالثها وفاة سمو أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله ، وقد انعكست تلك العطل على مؤشرات التداول بكل تأكيد خاصة بما يتعلق بوفاة أمير البلاد .


من ناحية أخرى بدأت إعلانات نتائج الشركات المدرجة عن العام الماضي بالظهور تباعا وكذلك التوزيعات المقترحة ، ونظرا لكثرة العطلات خلال الشهر الجاري كما أشرنا فإننا نقترح على إدارة سوق الكويت للأوراق المالية تمديد الموعد النهائي لتقديم البيانات المالية عن العام الماضي المقرر في 31/3/2006 إلى بعد ذلك التاريخ بأسبوع أو أسبوعان على أقصى تقدير وذلك لتعويض أيام العمل المفقودة لإعداد البيانات المالية بالشكل المهني والسليم وكذلك الدراسة المتأنية لتوصيات توزيع الأرباح بناء عليها حيث أن التسرع في إعداد البيانات المالية قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء من جانب إدارات الشركات أو مدققي حساباتها والتي ربما تكون لها آثار سلبية جسيمة .


رسالة إلى مدققي الحسابات


وفي هذه المناسبة نود أن نوجه رسالة إلى مدققي حسابات الشركات عموما والمدرجة خصوصا بمراعاة أقصى درجات المهنية في أداء مهامهم حيث أنهم مؤتمنون على مصالح وأموال عشرات الآلاف إن لم نقل مئات الآلاف من المستثمرين وذلك بعدم التواطؤ مع بعض إدارات الشركات في إظهار الأرقام على غير حقيقتها أو حتى مجاملتهم ، كما ندعو وزارة التجارة إلى إعادة النظر في قانون مراقبي الحسابات الذي عفى عليه الزمن حيث أن الواقع الحالي لهذه المهنة ينذر بالخطر البالغ كما نناشد مدققي الحسابات مرة أخرى لتحكيم ضمائرهم ووازعهم الأخلاقي لأداء الأمانة الثقيلة على أكمل وجه وإلا التنحي عن قبولها .


عام 2006 اختبار للثقة


بدأ العام الجديد والذي نعتقد أنه سيكون حافلا بالأحداث والتطورات المتعلقة بسوق الكويت للأوراق المالية والتي نتمنى أن تكون إيجابية في معظمها ، لكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر حيث نعتقد أن العام الحالي سيكون حافلا بالتحديات الكبيرة خاصة على الصعيد التنظيمي كون سوق المال محط لمصالح كبيرة من جانب عدة أطراف ومتضاربة أحيانا خاصة في ظل غياب هيئة لسوق المال وهشاشة التشريعات والتنظيمات الأخرى القائمة حاليا الذي يرتب مسؤولية وتبعات كبرى على إدارة السوق نأمل أن تستطيع تحملها والسيطرة عليها بأقل أعباء وتداعيات سلبية ممكنة ، ولا شك بأن هذا الانطباع غير المريح لم يأت من فراغ فقد شهد العام الماضي صراعات مختلفة ما بين إدارة السوق وبعض الشركات المدرجة به وأيضا مع أطراف أخرى وداخل إدارة السوق ذاتها والذي نأمل أن يستفاد منها في تطوير آليات العمل والتقدم بقوة نحو إنجاز إطار تنظيمي وتشريعي متكامل يحد من التحديات المستمرة والمتنامية لتطور السوق .


موقف البنك المركزي


أوقفت وزارة التجارة انعقاد الجمعية العمومية للشركة الأهلية للاستثمار المقرر عقدها في 3/1/2006 وذلك بطلب من بنك الكويت المركزي وذلك كما يبدو لحين التحقق من المخالفات المنسوبة لبعض أعضاء مجلس الإدارة ، ويعتبر إجراء البنك المركزي في محله تماما وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة التي تناسب المخالفات المرتكبة في حال إثباتها منعا لتمييعها من خلال انتخاب مجلس إدارة جديد وتناسي المخالفات على طريقة " عفا الله عما سلف " التي ليس محلها هذا الإشكال على الإطلاق .


إن موقف البنك المركزي يستحق التشجيع والتقدير ويعود مرة ليؤكد لنا أنه صمام الأمان للاقتصاد الوطني ، كما يتردد قيام البنك المركزي أيضا بالتحقيق في شبهة إساءة بعض أعضاء مجلس إدارة البنك العقاري وأطراف أخرى مقربة منهم لمناصبهم في التكسب غير المشروع من خلال الاستفادة من كسب البنك العقاري لقضية قانونية تؤثر ماديا على نتائجه وذلك بشراء أسهم البنك قبل إخطار إدارة السوق رسميا وبوقت كاف من ذلك الحدث المهم الذي أدى إلى إيقاع الغبن على شريحة من المتداولين خاصة صغارهم لولا تدارك إدارة السوق للوضع وإبطال كافة الصفقات المشبوهة والتي تمت في 16/11/2005 ، من جهة أخرى فإن القضايا المنظورة حاليا في المحاكم حول المخالفات الجسيمة المرتبطة بالمتاجرة بحقوق الاكتتاب في بنك بوبيان تعتبر تطورا إيجابيا وإصلاحيا للغاية بما يتعلق بدولة القانون والمؤسسات والذي كان للبنك المركزي دورا حيويا في قمع التجاوزات الصارمة المرتبطة بها من حيث الإجراءات العقابية فيمن تورط بتلك الممارسات المشينة بل إفساح المجال أيضا للقضاء العادل للاقتصاص من هؤلاء المتجاوزين .


إعلانات المخازن وشفافيتها !


كثرت الأخبار المنشورة في الصحف عن الشركات المدرجة كما كثرت الأخبار والتوضيحات التي تنشرها إدارة السوق عن الشركات ، وبالرغم من اعتبار تلك الأخبار من مصدر رسمي وصحيحة إلا أنه تبين خلاف ذلك في العديد من الحالات كما تتسم بعض الأخبار والإيضاحات التي تبثها إدارة السوق بعدم الوضوح واللبس الكبير الذي قد يفهم منها عكس واقع الحال في عدة حالات .


وعلى سبيل المثال نورد نص إعلان المخازن بتاريخ 2/11/2005 الذي يحتمل أكثر من تفسير :


" يعلن سوق الكويت للأوراق المالية أن شركة المخازن العمومية قد أفادته بأنه قد تم إخطار الشركة رسميا من قبل وزارة المالية برغبة الوزارة بإلغاء عقدي إيجار موقع الدوحة الجنوبي اعتبارا من 31/12/2005 ، علما بأن قيمة الإيجار السنوي للعقدين تبلغ 5,4 مليون د.ك تقريبا (خمسة ملايين وأربعمائة ألف دينار كويتي تقريبا) , وتفيد الشركة بأنها تدرس حاليا أفضل البدائل لاستغلال تلك المساحات التخزينية المختلفة " انتهى.


التفسير الأول : أن عقد استئجار المخازن لأرض الدولة ينتهي في 31/12/2005 كون الدولة المالكة الحقيقية للأرض أي أن المؤجر هو الدولة والمستأجر هو المخازن .


التفسير الثاني : أن عقد استئجار الدولة لأرض المخازن ينتهي في 31/12/2005 أي أن المؤجر هو المخازن والمستأجر هو الدولة .


وللوهلة الأولى يكون التفسير الأول صحيحا لأنه من المعروف أن الأرض المذكورة بالخبر هي مملوكة للدولة أصلا وتؤجرها على المخازن وبالتالي فإن طلب الدولة إنهاء العقد يعتبر أمرا سلبيا للغاية الذي يعتبر إنهاءً لحق انتفاع كبير يؤثر ماديا بشكل سلبي على شركة المخازن ، إلا أن قراءة الجملة الأخيرة من الإعلان يفيد أنه ستبقى الأرض في حوزة المخازن حيث تدرس بدائل استغلالها الذي يعتبر معاكسا للفهم الأولي للخبر مما أحدث اللبس الكبير وبالتالي عدم إمكانية تحديد تداعياته سواء سلبا أم إيجابا على شركة المخازن حيث يظهر أن الدولة هي المستأجرة للموقع رغم ملكيتها لها أي أن الدولة قامت بتأجير الأرض للمخازن ثم قامت باستئجارها من المخازن وتريد إنهاء العملية الثانية وليست الأولى .


ورغم ترجيح البعض الاحتمال الثاني على الأول إلا أنه يتطلب الأمر طلب سوق الكويت للأوراق المالية توضيحا قاطعا لا لبس فيه لإزالة اللغط والتفسيرات المتباينة لهذا الخبر كما يتطلب الأمر من إدارة السوق عدم نشر أي أخبار يمكن تفسيرها في أكثر من اتجاه وبشكل متعاكس أحيانا كما في حال هذا الخبر .


وبهذه المناسبة نود أن نورد نص إعلان المخازن في 24/12/2005 والتوضيح الصادر بشأنه بتاريخ 26/12/2005 والذي قلب المفهوم والانطباع السائد عن الإعلان الأول


الإعلان الأول : 24/12/2005


" يعلن سوق الكويت للأوراق المالية أن شركة المخازن العمومية قد أفادته بأنه ‏قد تمت ترسية مناقصة لتقديم خدمات الشحن والنقل والتخليص الجمركي ، تابعة لشركة ايكويت - 2 (شراكة بين شركة داو كيميكالز وشركة الصناعات البتروكيماوية الكويتية)، مدتها 3 سنوات، على شركة المخازن العمومية ، كما أفادت الشركة بأن قيمة المشروع المتوقعة كاملة تصل إلى 2,85 بليون دولار أمريكي تقريبا (اثنين بليون وثمانمائة وخمسين مليون دولار أمريكي ) وهي قيمة قابلة للزيادة أو النقصان بناء على احتياجات وطلبات العميل ، كما أن الجزء الذي تمت ترسيته على الشركة لتقديم الخدمات المذكورة أعلاه له يمثل حوالي 60% من المشروع ككل، ويتعلق هذا الجزء بالمنافع والبنية الأساسية للمشروع ، علما بأنه لا يمكن تقدير القيمة الإجمالية للمناقصة لأن هذا يعتمد على طلبات واحتياجات العميل " انتهى .


الإعلان الثاني : 26/12/2005


" يعلن سوق الكويت للأوراق المالية أن شركة المخازن العمومية تود أن توضح ، بخصوص المناقصة التي تمت ترسيتها على الشركة، والتي تم الإعلان عنها بتاريخ 24/12/2005 ما يلي : ‏إن العقد الذي تم إبرامه مع شركة ايكويت للبتروكيماويات والبالغة مدته 3 سنوات يتعلق بتقديم خدمات الشحن والنقل والتخليص الجمركي للمعدات والآلات المشتراة مباشرة من قبل فريق مشروع الأوليفينات الثاني للمرافق والخدمات وليس كامل معدات المشروع أو أي من المشاريع المصاحبة ، علما بأن قيمة العقد غير محددة وهي مبنية على سعر الوحدة حسب الوزن وبلد المنشأ للمعدات، علما بأن المبالغ المعلنة وهي 2,85 مليار دولار هي القيمة الكاملة المتوقعة لمشروع الأوليفينات الثاني الذي يجري إقامته في منطقة الشعيبة الصناعية . " انتهى .


حيث أوحى الإعلان الأول بأن قيمة العقد مع المخازن تبلغ 2.85 مليار دولار في حين أوضح الإعلان الثاني أن قيمة العقد مع المخازن غير محددة وأن مبلغ 2.85 مليار دولار خاص بعقد ما بين طرفين آخرين أحدهما عميل للمخازن .


تفـــنـُّن في الاستفادة من الإيضاحات


ورغم الإيجابية النسبية بشكل عام لتعامل إدارة السوق مع الأخبار والإشاعات الواردة بالصحف من حيث طلب إيضاحات سريعة من الشركات المعنية قبل بدأ التداول بإيقاف تداول السهم المعني إذا تأخر الرد بعد بداية التداول إلا أن بعض الردود لا تكون واضحة كما أسلفنا كما أن ردود أخرى تفيد بأنه لم يتم أي شيء وسيتم موافاة إدارة السوق عندما يتم الموضوع وعند إتمامه في وقت لا حق لا تخطر الشركات المعنية إدارة السوق بذلك ، كما لا تتابع إدارة السوق تلك المواضيع بالدقة المطلوبة مما يهيئ الأجواء للاستفادة غير المشروعة من الثغرات الكبيرة في هذا الموضوع .


أضف إلى ذلك تفنن البعض في الاستفادة من حرص إدارة السوق على المتابعة ولو غير الدقيقة للأخبار المنشورة بالصحف وتحويل ذلك الموضوع إلى آلية مبتكرة للحصول على مصالح معروفة لهؤلاء البعض ومبهمة لإدارة السوق وجمهور المتداولين ، فعلى سبيل المثال قد يتفق مسئول في شركة معينة مع محرر في صحيفة ما على نشر خبر غير واضح أو إشاعة معينة لغرض لفت نظر إدارة السوق وبالتالي طلبها من إدارة الشركة توضيحا ومن ثم تقوم إدارة السوق بتقديم التوضيح وفقا للمصالح التي ترتئيها الجهة المستفيدة دون قصد وليس لمصلحة المتداولين وبذلك تلفت الأنظار إلى موضوع محدد لغرض معين متذرعة بطلب إدارة السوق ذلك ، أو قد يقوم مستثمر معين بتسريب خبر أو إشاعة إلى الصحافة حتى تقوم إدارة السوق بطلب توضيح الأمر من إدارة الشركة المعنية وذلك لغرض إحراجها أو توضيح معلومة يحتاجها أو لإبراز موضوع بشكل إيجابي لمصلحته ومصلحة الإدارة أو لغايات محددة أو لأهداف مرسومة لا يمكن حصرها أو معرفتها .


بناء على ما تقدم ندعو إدارة السوق إلى الانتباه الكبير لموضوع الإعلانات والتأكد من وضوحها وضرورة متابعتها وأن تكون موجهة لخدمة الصالح العام بالرغم من إقرارنا بحساسية الموضوع وصعوبة التعامل معه بشكل سليم ومطلق في جميع الحالات .


بنك الريّـان . . ومظاهر التخلف


يتم حاليا في قطر طرح أسهم بنك الريان لتأسيس مصرف إسلامي عملاق برأس مال ضخم أكثر من 7 مليار ريال قطري أي ما يزيد عن 600 مليون دينار كويتي للمساهمة في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها الشقيقة قطر والتي نتمنى لها النمو والازدهار ، لكن عملية الاكتتاب للأسف الشديد تتم بصورة بدائية للغاية من حيث ضرورة أن يسافر المكتتب المقيم خارج قطر إلى هناك حتى تكون إجراءات الاكتتاب مقبولة ، وهذا الإجراء ليس منطقيا للغاية حيث يجب أن تخول الجهة المسئولة عن الاكتتاب مؤسسات مالية في كافة دول الخليج لقيام بدور متعهدي إصدار أو وكلاء بيع نيابة عنها وبالتالي يكتتب كل مواطن خليجي في بلده ومن خلال أكثر من موقع لتسهيل عملية الاكتتاب وتسريعها وضمان دقتها .


وفي حقيقة الأمر فإننا لا نعلم بأنه هل هناك قصور في الإدراك لدى القائمين على تأسيس البنك أم هو إجراء متعمد ليكون الاكتتاب في قطر فقط وذلك للفت الأنظار لهذه الدولة الشقيقة بتحويل الحدث لتظاهرة اقتصادية ربما وتسليط الأضواء الإعلامية عليها لسد شعور بالنقص ، وربما يكون للموضوع سبب تنفيعي لإشغال الفنادق والمرافق الأخرى لتحقيق مكاسب مادية من هذا الحدث كما يتضح من رسوم تصديق الشيكات والتي تعتبر مرتفعة للغاية إن لم تكن خيالية ، ويذكرنا ذلك الوضع باكتتاب المساهمين في أسهم شركة دانا غاز في دولة الإمارات حيث كانت الفوضى العارمة نتيجة لتدافع المستثمرين الخليجيين للمساهمة بتلك الشركة وما صحبه من مظاهر غاية في التخلف من حيث الطوابير الطويلة والاشتباكات ما بين المكتتبين للحصول على حق الأولوية في التسجيل وكذلك افتراش المواطنين الخليجيين للساحات والمساجد والحدائق للنوم نظرا لعدم استيعاب الفنادق ومرافق السكن الأخرى لهم رغم حجمها الهائل هناك ، وقد كانت النتيجة مخيبة لهؤلاء المستثمرين حيث لم يحصلوا إلا على فتات الأسهم والتي لا تغطي الأرباح المرجوة منها جزءاً بسيطا من نفقات السفر ناهيك عن المجهود الضائع والوقت المهدور في سبيل هذا الموضوع .


إن دولة قطر الشقيقة وكذلك باقي دول مجلس الـتعاون الخليجي الأخرى مدعوة إلى تنظيم ذلك النوع من الاكتتابات من حيث التنسيق فيما بينها بشكل سليم وعدم إرهاق المواطن بأعباء وتكاليف غير مبررة للسفر والوقوف في طوابير وإظهار المواطنين الخليجيين كخراف في سوق الماشية وذلك في حصرهم ضمن حواجز حديدية واضطرارهم لافتراش الشوارع والساحات وربما التعرض إلى الإهانة وغيرها من المظاهر المتخلفة والبشعة التي عفا عليها الزمن والتي لا تليق بدول متحضرة ، حيث أن تدارك تلك السلبيات من شأنه تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس الذي يعتبر المحور الرئيسي لتوثيق الترابط فيما بينها وبالتالي ظهورها بالشكل اللائق ما بين الأمم .