رأي مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية

بشأن تدخل الهيئة العامة للاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية



التاريخ :20/03/2006


لاشك بأنه توجد عدة آراء متباينة حول الآثار المترتبة عن قرار الهيئة العامة للاستثمار بضخ سيولة لدعم الأسعار في البورصة بعد تراجعها مؤخرا وذلك من خلال الصناديق التي تساهم بها أصلا ، وقد تم إعلان قرار الهيئة بشكل رسمي الأربعاء الموافق 8/3/2006 .


وبالرغم من تقديرنا للآراء المساندة لهذا التوجه إلا أننا نختلف مع قرار الهيئة بشكل كبير للغاية لعدة أسباب ومبررات منها :


  • استخدام أموال الأجيال القادمة في غير محلها حيث أنها ليست للجيل الحالي ولا للجيل القادم فقط بل للأجيال القادمة .
  • خلق جيل اتكالي يسعى فقط للكسب الكبير والسريع دائما من خلال ضمان الحكومة للاستثمار في البورصة ولو بشكل غير معلن الذي يعتبر توجهاً خطيراً للغاية .
  • التناقض مع سياسة التوجه نحو الاقتصاد الحر وتوجهات الإصلاح المعلنة والإخلال بآلية سوق المال من حيث التدخل في العرض والطلب ومنع الحركات التصحيحية الفنية اللازمة لإحداث التوازن في البورصة .
  • زعزعة الثقة لدى المستثمرين الأجانب بشأن الاستثمار في الاقتصاد الكويتي على خلفية التدخل بالبورصة على نحو سلبي من حيث البعد الاستراتيجي حيث تثار التساؤلات : هل هذا برنامج حكومي واضح و ثابت؟ أم هو متغير وفقا للمتغيرات المحلية الاقتصادية منها أو الشخصية و بمعنى آخر ( المزاجية عند متخذ القرار ) ؟
  • التستر على مظاهر الفساد التي بدأت تظهر واضحة مع تراجع البورصة .
  • شراء رضا – إن لم نقل ذمم – شريحة كبيرة من المواطنين للسكوت عن قضايا الفساد المتصاعدة سواء المتعلقة بالبورصة أو في مواقع أخرى .
  • توريط أموال الأجيال القادمة بمغامرات مجهولة العواقب ، فلو اتفقنا جدلا أن السوق يحتاج للتدخل بمبلغ 500 مليون د.ك في الوقت الراهن فإنه سيحتاج إلى 1000 مليون د.ك بعد فترة وأكثر من ذلك في وقت لاحق نظرا لارتفاع القيمة الرأسمالية للسوق مع مرور الوقت .
  • إحداث خلخلة في النظام النقدي لدى الجهاز المصرفي في الدولة من حيث توجيه الأموال باتجاه واحد وهو البورصة مقابل إهمال لأدوات الاستثمار الأخرى مثل الودائع التي تعتبر من ركائز النظام النقدي .
  • استنزاف وإهدار طاقات الدولة في موضوع واحد وهو البورصة سواء كانت طاقات مادية أو بشرية وذلك لمراقبة السوق لتحديد متى ؟ وكيف ؟ وبكم يكون التدخل ؟ مما يؤدي إلى إهمال أولويات أخرى .
  • إغواء المزيد من المواطنين للدخول في البورصة على أنها مضمونة من قبل الحكومة له عدة تداعيات سلبية منها :
    • إهمال الموظفين لوظائفهم بشكل عام وذلك بتواجدهم الفعلي في قاعة التداول أو من خلال مطالعتهم ومتابعتهم لمجريات البورصة بواسطة الإنترنت .
    • ترك المواطنين لأنشطتهم التجارية ( تجزئة ، صناعة ، خدمات ، زراعة ..... الخ ) مما يؤدي إلى خلل بالتوازن الاقتصادي ما بين القطاعات .
    • ترك المهنيين لمهنهم أو إهمالها مثل ( الأطباء ، المحامين ، المهندسين .... الخ ) وبالتالي خسارة مساهمتهم المنشودة والحيوية في تنمية البلاد وتقديم خدماتهم المهنية على الوجه المطلوب .
    • إشغال المجتمع بأسره بالبورصة ( كبار ، صغار ، رجال ، نساء ، طلبة .... الخ ) مما يؤدي إلى تداعيات اجتماعية سلبية للغاية .
    • نسف جهود تشغيل المواطنين في القطاع الخاص من خلال برنامج دعم العمالة الوطنية وبالتالي المساهمة في المزيد من الخلل في تركيبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص .
    • تكريس ظاهرة الأخذ دون العطاء والربح دون الخسارة التي هي ضد الفطرة ومنطق الأمور .


ولا بد لنا أن نذكر أن البورصة تراجعت عام 1998 بمعدل يفوق 40% ولم تتدخل الحكومة على النحو المطلوب في الوقت الحالي، وقد حقق أداء السوق منذ ذلك التاريخ ارتفاعا يزيد عن 700% ، من جهة أخرى فإن التدخلات الرسمية السابقة من خلال عدة تصريحات لمسئولين كبار خاصة العام الماضي 2005 أجهضت عمليات تصحيحية ملحة ومعقولة ذلك العام ولو حدثت تلك التصحيحات المعقولة وقتها لما حدثت حركة التصحيح الحادة الحالية التي يفسرها البعض بالانهيار .


أما بما يتعلق بالتحفظات والسلبيات الخاصة باستخدام الصناديق لتكون آلية لتدخل الهيئة العامة للاستثمار لرفع أسعار الأسهم فهي متعددة نذكر منها :


  • مخالفة لوائح ونظم الصناديق بأن لا يكون لمستثمر واحد حصة تفوق 50% من قيمته حيث أن معظم وليس كل الصناديق تبلغ مساهمة الهيئة العامة للاستثمار فيها حدها الأقصى ، وإذا ما تم تعديل تلك اللوائح بأن يكون لطرف واحد مساهمة تفوق 50% يكون الوضع غير منطقي ، حيث إن الهدف من إنشاء الصناديق هو تشجيع الآخرين للدخول فيها وليس أن تكون كأداة استثمارية لهيئة الاستثمار ، بل إننا نقترح أن تخفض الهيئة مساهمتها بالصناديق تدريجيا وفقا للظروف المواتية حتى تصل كحد أقصى إلى 25% من قيمتها ، كما ندعو الهيئة أيضا لبيع الأسهم المملوكة لها مباشرة والمقدر قيمتها حاليا بملياري دينار كويتي وذلك وفق برنامج زمني معلن .
  • لا بد من تشجيع أفكار جديدة ومبتكرة في الاستثمار تكون الهيئة طرفاً بها وليس تكرار واستنساخ للصناديق التقليدية القائمة والتي تحتاج إلى إعادة تقييم كتجربة تبين أن لها بعض السلبيات بالرغم من إيجابياتها المرحلية .
  • احتمال إساءة استخدام السيولة الجديدة من الهيئة من قبل مدراء الصناديق بإنقاذ متورطين لديهم محافظ مع نفس مدير الصندوق وذلك بشراء أسهمهم دون غيرها .
  • دعم أسعار بعض الأسهم التي قد يكون مدير الصندوق متورطا بها أو رفع أسعار أسهم معينة ومؤثرة في تقييم الصندوق ، أي تجيير سيولة الهيئة للمصلحة الذاتية المحضة لمدير الصندوق أو لأطراف أخرى ذات علاقة معه .


وقد كان الأجدر بالصناديق العمل كصانع سوق حقيقي والذي هو أساس مساهمة الهيئة بها حيث اتضح أن معظمها ليس لديه السيولة الكافية وقت التراجع للتدخل في ظل الأسعار المغرية لبعض الأسهم نظرا لاستنفاذها بالموجودات غير النقدية طمعا بأعلى العوائد والتسابق في تصدر قوائم الأداء الشهرية وذلك على حساب المهنية المطلوبة .