تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية عن

مخاطر البورصة بالنسبة لصغار المستثمرين

والتباين ما بين الأسواق الناشئة والناضجة



التاريخ :19/04/2006


من المعروف أن الاستثمار في الأوراق المالية من الأدوات الاستثمارية ذات العوائد المرتفعة نسبيا ، وبالمقابل ذات المخاطر المرتفعة بنفس النسبة ، وكلما كان سوق المال ناشئا كانت المخاطر أكبر ، وبالتالي الأرباح أكبر ، وكلما كان السوق ناضجا كان العكس ، ويعتبر سوق المال الكويتي من الأسواق الناشئة بالرغم من كونه من الأسواق المتطورة نسبيا بالمقارنة مع الأسواق الأخرى في المنطقة العربية ، ومن نقاط زيادة المخاطر في البورصة الكويتية الآتي :


  • عدم وجود هيئة سوق مال ، وهذا موضوع كبير ذو تفريعات كثيرة ومهمة وليس نحن بصدد تفصيل ذلك في هذا المقام .
  • عدم وجود شركة تقاص منافسة .
  • التداخل في المصالح ما بين طرفين أو أكثر من الأطراف التالية : الصحف ، الملاك ، الإدارة ، المدققين ، المضاربين ، مدراء الاستثمار والمستشارين وغيرهم من الأطراف .
  • عدم وجود قوانين رادعة للمتجاوزين سواء كانوا من المتداولين أو مسئولي الشركات المدرجة أو حتى مسئولي إدارة السوق وإن كان هناك قوانين تغطي بعض الجوانب فتفعيلها ضعيف أو انتقائي .
  • تدخل الحكومة بدعم البورصة سواء بالتصريحات أو بضخ السيولة .
  • عدم الجدية في الإصلاح ومكافحة الفساد بشكل عام .
  • عدم قيام بعض مدققي الحسابات بواجباتهم من حيث الأمانة والكفاءة .
  • آلية استثمار صغار المستثمرين ، وهو الموضوع الذي يحتاج إلى شيء من التفصيل ، حيث تطلق عبارة صغار المستثمرين على الأفراد الذين تتوافر لهم فوائض مالية صغيرة نسبيا كما ينسحب هذا التعريف مجازا على بعض كبار المستثمرين الذين ليس لديهم ثقافة تناسب أموالهم الضخمة ، والعامل المشترك بين الفئتين الصغار والكبار هو انخفاض مستوى الوعي والثقافة وطريقة استثمارهم بشكل مباشر والتي هي طريقة خاطئة بشكل عام ، ومن الممكن أن يقوم صغار المستثمرين باستثمار أموالهم مباشرة إذا كان لديهم الوعي المنشود والثقافة المطلوبة ولكنهم قلة للغاية ولا تزيد نسبتهم في تصورنا الأولي عن 5% من إجمالي عدد المتداولين المسجلين في سوق الكويت للأوراق المالية والذي يتردد بأن عددهم يزيد عن 130 ألف متداول .


تشخيص الوضع الحالي ومخاطره


رافق دخول أعداد كبيرة للاستثمار في سوق الأسهم بشكل مباشر خلال السنوات الخمس الماضية رواج في البورصة بشكل مستمر بشكل عام ، أو بعبارة أدق شجع الرواج في السنوات الأخيرة أعداد كبيرة من أصحاب المدخرات على استثمارها في البورصة ، وقد حقق معظم المستثمرين مكاسب كبيرة وسريعة ، لكن المعظم الساحق للمكاسب الكبيرة والسريعة هي ناتجة عن المتغيرات الاقتصادية والسياسية في المنطقة وليس لكفاءة المستثمرين ، وذلك بالرغم من اعتقاد هؤلاء بأن الأرباح السريعة والكبيرة التي تم تحقيقها هي نتيجة مهاراتهم الفائقة في الاستثمار وهو خلاف الواقع تماما ، بالتالي فإن أي تراجع حاد في البورصة يكبد هؤلاء خسائر كبيرة ومن ثم يشعرون بالإحباط الذي يؤدي إلى تخبط في قرارات الشراء والبيع وأيضا إلى تداعيات نفسية واجتماعية كبيرة ، ومثلما كان للتطورات الاقتصادية والسياسية في المنطقة آثارا إيجابية على البورصة فيما مضى لا بد من أن نتحسّب للتداعيات السلبية المحتملة خاصة بوضع الكويت الواقعة في بؤرة التوتر في الخليج ونعني بالضبط وبوضوح تطورات الوضع في العراق وإيران وأثره على سوق المال الكويتي .


وعليه فإننا نعتقد أنه يتوجب على صغار المستثمرين الذين لا تتوافر لديهم الثقافة الاستثمارية وهم النسبة الساحقة التوجه إلى البدائل التالية وفقا للترتيب :


من خصائص المستثمرين بالأسواق الناشئة ومنها سوق المال الكويتي


وجود شريحة كبيرة من المستثمرين غير الواعين وغير المثقفين استثماريا وهم المعظم الساحق كما أشرنا ، وغالبا ما يتخذ هؤلاء قرارات تتصف بالعشوائية بعيدة عن المعايير العلمية والتي قد تكون نفسية محضة أو عاطفية ! ، ومن الإجراءات السلبية التي يسلكونها الهرولة وراء الإشاعات والمصادر غير الموثوقة نظرا لعدم القدرة على تحليل الأرقام ولو أوليا ولكون تلك المصادر مجانية ، وبالمقابل العزوف عن بذل الجهد والمال في سبيل رفع المهارات المرتبطة بالاستثمار ، وينتج عن ذلك عدم إمكانية التنبؤ بدرجة مقبولة بدلالات الأرقام وبالتالي عدم الوعي بحجم المخاطر الظاهرة ناهيك عن الكامنة منها مما يؤدي إلى تداعيات سلبية للغاية .


  1. عدم التعامل بالأسهم نهائيا والتوجه بفوائضهم إلى أدوات استثمارية مأمونة مثل الودائع أو تأسيس مشاريع تجارية أو حرفية إذا كانوا من ذوي الاختصاص ومن غير فئة الموظفين بطبيعة الحال .
  2. المساهمة في الشركات الجديدة خاصة ذات الاكتتاب العام .
  3. المساهمة في الصناديق الاستثمارية .
  4. الانخراط في الدراسات العلمية الخاصة بالاستثمار وكذلك الانتظام في الدورات المهنية والذي يعتبر طريقا يتطلب بذل الجهد والمال خاصة في ظل شكوكنا بكفاءة وعمق الدورات المتاحة حاليا وأيضا مدى استعداد المستثمرين لبذل الجهد والمال في سبيل تثقيف أنفسهم .


المقارنة مع الأسواق الناضجة أو المتطورة


الأموال المدارة للغير من خلال الصناديق والمحافظ لا تقل عن 20% إلى 30% من القيمة الرأسمالية في الأسواق المتطورة بينما في الأسواق الناشئة لا تتجاوز تلك النسبة 5% في أحسن الأحوال ، الذي يوضح بأن الوضع معكوس تماما ، فالأسواق الناضجة يتمتع مستثمروها بشكل عام بوعي وبمستوى ثقافة استثماري أعلى بمراحل كبيرة عن الوضع في الأسواق الناشئة وبالتالي فإنه من المنطق أن ترتفع الأموال المدارة بواسطة المحافظ أو الصناديق في الأسواق الناشئة إلى ضعف المعدل السائد في الأسواق الناضجة على الأقل أي أن تكون بمعدل 40 إلى 60% من القيمة الرأسمالية للسوق لإصلاح الخلل في نمط إدارة الأموال السائد في الأسواق الناشئة ومنها السوق الكويتي .


وبالرغم من كون المنطق يحتم أن ينعكس الوضع بما يتعلق بنمط الاستثمار إلا أن المنطق أيضا لا يقول بأن يتم ذلك في المدى القصير ، حيث أن المؤسسات المعنية بإدارة الأموال ليست مؤهلة في الوقت الراهن لإدارة أموال إضافية وكبيرة بالطريقة المهنية المطلوبة بالرغم من الوضع الريادي للمؤسسات الكويتية في هذا المضمار على مستوى المنطقة ، وذلك نظرا لغموض حقوق وواجبات مدراء الصناديق والمحافظ نظرا لضعف البناء التشريعي السائد حاليا والمنظم لإدارة أموال الغير وكذلك الجدية والحزم المطلوبين لتطبيق القوانين .


وفي الختام نأمل أن يتم سد أوجه القصور في القوانين واللوائح المنظمة لإدارة الأموال في المستقبل المنظور هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، تطور الوعي والثقافة لدى صغار المستثمرين لاستثمار مدخراتهم بطرق أكثر أمنا من الوضع القائم .