تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية

عن سوق الكويت للأوراق المالية



التاريخ : 20/12/ 2002



شارف العام الحالي على الانتهاء بمكاسب غير متوقعة لسوق الكويت للأوراق المالية بلغت 62% على أساس المؤشر الوزني مقابل 15% للعام الماضي و 75% وفقا للمؤشر السعري بالمقارنة مع 34% للعام الماضي ، كما ارتفعت القيمة الرأسمالية للسوق من 22.1 بليون د.ك في أول العام إلى 39.5 بليون د.ك حتى تاريخ إعداد هذا التقرير بمعدل ارتفاع بلغ 79% الذي يرجع إلى ارتفاع أسعار الأسهم وأيضا إلى إدراج 31 شركة جديدة هذا العام تبلغ قيمتها الرأسمالية 2.8 بليون د.ك بالمقارنة مع 19 شركة العام الماضي ، وقد بلغت المبالغ المتداولة هذا العام 28 بليون د.ك بالمقارنة مع 15 بليون د.ك العام الماضي بمعدل نمو بلغ 87% والذي انعكس على معدل الدوران الذي بلغ 1.2 مرة بالمقارنة مع 1.1 مرة العام الماضي ، وقد بلغ معدل التداول اليومي 114 مليون د.ك مقابل 61 مليون د.ك العام الماضي ، وقد كان ذلك الأداء الإيجابي للسوق رغم مؤثرات في غير صالحه منها رفع بنك الكويت المركزي لسعر الخصم خلال العام الجاري بمعدل 1.25% من 4.75% إلى 6% وذلك على 5 دفعات ، كما لم يمنع السوق من تحقيق أرقاما قياسية على صعيد المؤشر والمبالغ المتداولة طرح 23 شركة مدرجة أسهما إضافية بالسوق قدرها 3.4 بليون سهم استدرجت ما قيمته 1.7 بليون د.ك وذلك خلافا لتأسيس العشرات من الشركات الجديدة وإعادة هيكلة عشرات أخرى وأيضا استحداث المزيد من الصناديق الجديدة وزيادة المبالغ الموظفة في الصناديق القائمة التي امتصت قدرا هائلا من السيولة ناهيك عن جاذبية بعض أسوق المال الخليجية التي استقطبت أموالا كويتية لا يستهان بها .



الأرباح المتوقعة

أما على صعيد الأرباح المعلنة هذا العام فنتوقع أن تكون عند مستوى 3.1 بليون د.ك للسوق ككل بالمقارنة مع 1.7 بليون د.ك بنمو مطلق مقداره 82% ، وقد قفزت الأرباح لعدة أسباب أولها زيادة عدد الشركات المدرجة من 124 إلى 155 وأيضا النمو العام لنتائج الشركات ، ويرجع ذلك النمو إلى عدة أسباب منها ارتفاع الأداء التشغيلي وكذلك الأداء غير التشغيلي الذي تعتبر الأرباح غير المحققة جزءاً منه مما زاد من جرعة تأثر النتائج المعلنة بالأرباح غير المحققة إلى 27% لثلاثة أرباع العام بالمقارنة مع 12% للعام الماضي ، وقد ساهم التداخل في الملكيات ما بين الشركات المدرجة في رفع الأرباح كما وبالمقابل خفضها كيفا بشكل نسبي .



الشرارة والكتل

وقد كانت الشرارة الأولى لارتفاع البورصة هذا العام إعلان فوز المخازن بعقد مع الجيش الأمريكي في السابع عشر من فبراير الماضي بمبلغ 3.3 بليون دولار أمريكي والتي أشعلت التداول ، ورغم انخفاض زخم مجموعة سلطان التي تمثل المخازن أحد أركانها لخليط من الأسباب الموضوعية وغير الموضوعية إلا أن كتل استثمارية أخرى استلمت دفة القيادة طوال العام ومنها كتل إيفا والصناعات والمجموعة الدولية والمشاريع ، وقد كانت حركة أسهم بعض تلك الكتل مبررة نتيجة لمستجدات إيجابية على الأرض في حين ارتفعت أسهم كتل أخرى دون مبررات مقنعة وذلك على خلفية إشاعات وتلميعات صحفية واستغلال أثر التداخل في الملكيات لأقصى حد ممكن وذلك لنفخ أسعار الأسهم الخاصة ببعض الكتل بشكل متبادل .



المؤشرات

أما على صعيد مؤشرات السوق فقد ارتفع مضاعف سعر السوق إلى ربحية السهم ( P/E ) من 13 مرة نهاية العام الماضي إلى 14 مرة نهاية العام الجاري الذي يعتبر مؤشرا سلبيا خاصة في ظل زيادة جرعة الأرباح غير التشغيلية هذا العام لكنه يظل في المستوى المقبول نسبيا ، من جهة أخرى انخفض العائد الجاري على الأسهم من 4 إلى 3.75% كما تراجع العائد على السهم من 8 إلى 7.50% في حين ارتفع مضاعف سعر السوق إلى القيمة الدفترية للسهم من 2.5 إلى 8.2 مرة وجميع تلك المؤشرات توضح الأثر التضخمي لأسعار الأسهم لكنها لا ترقى إلى الحدود غير المنطقية .



البيوع والآجل

بلغت قيمة العقود الآجلة التي تتم أثناء السوق الفوري والتي يطلق عليها البيوع المستقبلية خلال العام الجاري 1,159 مليون د.ك وذلك حتى إيقافها في السابع من نوفمبر الماضي ، وقد تم إيقاف هذه الخدمة لإعادة تنظيمها بعد تعاظم الإشكالات المترتبة على تدافع المستثمرين خاصة صغارهم للحصول على أكبر قدر من تلك العقود حيث أنها محددة من قبل صناع السوق كل على حدة ، وقد بلغ متوسط التداول اليومي على هذه الخدمة 5.8 مليون د.ك التي تشكل 5% من متوسط التداول اليومي للسوق الفوري ككل ، وعلى إثر وقف خدمة البيوع نشط مرة أخرى سوق الآجل الذي يُعقد بعد انتهاء السوق الفوري حيث ارتفع معدل التداول اليومي إلى 1.8 مليون د.ك من 1.0 مليون د.ك قبل إيقاف خدمة البيوع ، وقد بلغت إجمالي العقود المنفذة للعام الحالي حتى تاريخ إعداد هذا التقرير 257 مليون د.ك حيث بلغ المتوسط اليومي للتداول 1.1 مليون د.ك .

أما العقود الجارية وهي المراكز المفتوحة أو العقود القائمة والناتجة من التداول في البيوع المستقبلية والسوق الآجل فبلغت وقت إعداد هذا التقرير 265 مليون د.ك تراجعا من مستوى 431 مليون د.ك قبل إيقاف خدمة البيوع المستقبلية أي أنه تم تصفية ما قيمته 139 مليون د.ك تقريبا التي تعادل 39% منها وذلك منذ إيقاف خدمة البيوع حتى تاريخ هذا التقرير نظرا لانتهاء آجالها أو بيعها قبل استحقاقها ، وتتلخص انعكاسات انخفاض العقود الجارية بتخفيض عروض الأسهم من ناحية وتعزيز الملاءة المالية لصناع السوق من ناحية أخرى الذي يزيد من استعدادهم وجاهزيتهم لتقديم خدمة البيوع المستقبلية عندما تستأنف قريبا ، وتجدر الإشارة إلى أن عدد صناع السوق لخدمة البيوع يبلغ 12 صانع توقف منهم واحد خلال العام لإشكالات مع إدارة السوق في حين بلغ هذا العدد في السوق الآجل اثنان فقط وواحد منهم كان ينشط بشكل ملحوظ ومستمر وهو صندوق وعد التابع للهيئة العامة للاستثمار التي تديره شركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمار المالي .



ديوان المحاسبة والبورصة

تقدم 25 عضوا من أعضاء مجلس الأمة الكويتي بتكليف لديوان المحاسبة بمراجعة مواضيع محددة في سوق الكويت للأوراق المالية وذلك نظرا لتصاعد أهمية سوق المال وأيضا للتأكد من سلامة الممارسات خاصة الإدارية التي تقوم بها إدارة السوق على خلفية الانتقادات والشكاوى المقدمة من البعض والتي يكون بعضها مبررا للمصلحة العامة وبعضها الآخر غير مبرر وكيدي وذو أبعاد شخصية .

وللوهلة الأولى فإن رقابة الديوان غير مستساغة وذلك نظرا لسرية حسابات المتداولين وممتلكاتهم الخاصة لكنه بعد الاطلاع على المواضيع المراد مراجعتها فقد تبين أنها لا تمس من قريب ولا بعيد سرية المعلومات الخاصة بالمتداولين حيث يدور معظمها حول الإجراءات والقرارات الإدارية والتي نعتقد أنه لا يوجد مانع من التدقيق عليها للتأكد من سلامتها أو لتوجيهها إلى المسار الصحيح إذا كانت هناك بعض المخالفات خاصة في ظل عدم وجود هيئة سوق مال بحيث تخضع إدارة السوق إلى رقابتها بشكل مباشر ودقيق حيث لا تحل لجنة السوق الحالية محل هيئة سوق المال بأي حال من الأحوال لعدم تفرغ رئيسها وأعضائها وعدم وجود كادر مهني متخصص يساعدهم في أداء مهامهم على الوجه المطلوب .

ويثار جدل قانوني حاليا حول خضوع سوق الكويت للأوراق المالية لرقابة ديوان لمحاسبة ، وبالرغم من عدم تخصصنا في النواحي القانونية إلا أننا نرى أنه من الناحية العملية لا بد من خضوع السوق لرقابة الديوان بما لا يتعارض مع سرية وخصوصية حسابات المتداولين وذلك لحين تأسيس هيئة لسوق المال ومباشرة عملها الرقابي المتعارف عليه كما هو الحال في الأسواق العالمية المتقدمة .



توقعات 2006

لا شك بصعوبة التنبؤ بأداء سوق المال الكويتي للعام القادم حيث أنه مرآة تعكس العديد من المتغيرات المحيطة به سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو حتى نفسية واجتماعية ، وبالرغم من ذلك فإن كفة الأداء المتوقعة تميل إلى الإيجابية لعدة اعتبارات اقتصادية من أهمها استمرار تحقيق ميزانية الدولة لفوائض كبيرة على خلفية استقرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة الذي يفضي إلى طرح المزيد من المشاريع التنموية التي تحرك العجلة الاقتصادية ، كما يعزز من توقعاتنا الإيجابية لأداء السوق التوجه الحكومي لمنح المزيد من الفرص للقطاع الخاص ولو أنها دون المستوى المطلوب ، من جهة أخرى فإن التوسع التشغيلي المحلي والخارجي لعدد من الشركات المدرجة من شأنه تعزيز التفاؤل بأداء تلك الشركات وبالسوق ككل ، وعلى صعيد آخر فإن تزايد اهتمام المستثمرين الخليجيين بسوق المال الكويتي والذي بدا ملحوظا للغاية في الربع الرابع من العام الحالي مدعاة لتعزيز الأداء الإيجابي للسوق والذي نتوقع أن يحقق مكاسبا بمعدل 20% على أساس المؤشر الوزني .



مؤثرات سلبية

ولتوازن الطرح لا بد لنا من التعرض لبعض النقاط التي لها تداعيات سلبية على أداء السوق رغم تفاؤلنا الحذر في أدائه الإيجابي العام المقبل ، ومن تلك النقاط ارتفاع إضافي لسعر الخصم والبالغ حاليا 6% والذي يعتبر مرتفعا حاليا بالمقارنة بأسعار الخصم السائدة في الخليج والتي من المفترض التماشي معها تمهيدا للوحدة النقدية المخطط لها في 2010 ، من جهة أخرى فإن احتمال تراجع مجموعات من الأسهم العام المقبل والتي شهدت ارتفاعا غير منطقيا هذا العام على خلفية الملكيات المتداخلة فيما بينها والزخم الصحفي الداعم لها لأغراض مشبوهة من شأنه التأثير سلبا على مجريات التداول وحركة المؤشرات ، أما عن المؤثرات السلبية غير الاقتصادية فهي متعددة ومتنوعة والتي منها تخلف الأداء الحكومي بشكل عام وعدم الجدية في الإصلاح المزعوم وأيضا التداعيات السلبية للتطورات السياسية سواء المحلية أو الإقليمية سواء الظاهر بوادرها حاليا أو المفاجئة والتي ليس من المناسب الخوض بها في هذا التقرير .



ملامح التوجهات

أما توجهات السوق ككل فستكون مختلطة العام المقبل في غالب الظن حيث نتوقع أن تسود حالة من الانتقائية خلافا لحالة الارتفاع الجماعي للأسهم التي سادت هذا العام حيث ارتفعت أسعار 83% من الأسهم المدرجة ، ونعتقد أن تكون الانتقائية لصالح الشركات ذات الأداء التشغيلي المتنامي وذلك رغم توقعنا للارتفاع الجماعي للأسهم المترابطة ولكن بدرجة أقل من العام الجاري حيث نعتقد أن الخطط جاهزة للتطبيق العام المقبل من جانب أكثر من كتلة استثمارية لتصعيد أسهمها بشكل متبادل وربما من خلال أكثر من سوق للمال في الخليج وذلك بعد نجاحها بامتياز في هذا التوجه العام الحالي للأسف الشديد حيث وصلت قيمة ملكياتها لأرقام فلكية من جراء ذلك السلوك غير المهني والذي قد ينذر بتداعيات سلبية جسيمة عندما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .

أما عن التوزيعات المتوقعة فيرجح أن تطغى توزيعات الأسهم المجانية وزيادات رأس المال بعلاوة إصدار على التوزيعات النقدية وذلك بشكل غير مسبوق حيث أن الملاءة المالية للعديد من الشركات التي ارتفعت أسعار أسهمها بحدة هذا العام لا تتمكن من توزيع أرباح نقدية مقنعة ومتناسبة مع أسعار الأسهم المعنية حيث نتوقع أن تقل التوزيعات النقدية عن 45% من الأرباح المعلنة لإجمالي الشركات بالمقارنة مع 48% للعام الماضي كون أن نسبة مهمة من تلك الأرباح لا يمكن توزيعها من الناحية العملية رغم قابليتها للتوزيع من الناحية النظرية .



نصيحة للصغار

ونود أن نكرر نصيحتنا لصغار المستثمرين بالرغم من تفاؤلنا الحذر بأداء العام المقبل إلا أننا نعتقد أن صغار المستثمرين سيكونون ضحايا الدرجة المرتفعة من الانتقائية التي سيشهدها السوق العام المقبل حيث ننصحهم بالتوجه إلى الصناديق لإدارة مدخراتهم بشكل أفضل وترك التجمهر في قاعة التداول دون مردود ومبرر ، كما ننصح من يرغب بالاستثمار بنفسه بالتركيز على الشركات ذات الأداء التشغيلي والصبر عليها والابتعاد عن المضاربات العشوائية التي تحركها الأخبار والإشاعات المضللة والتداولات المصطنعة .