تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية
عن سوق الكويت للأوراق المالية
التاريخ : 19/10/ 2002
واصل مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية تحقيق أرقاما قياسية حيث
ارتفع بمعدل 59% منذ بداية العام و 4% منذ بداية الشهر الجاري وذلك على أساس
المؤشر الوزني ، ويأتي هذا الارتفاع الملحوظ بدفع مباشر من الأرباح القياسية التي
حققتها الشركات المدرجة ككل في النصف الأول والمتوقع استمرارها لفترة ثلاثة أرباع
العام حيث أعلنت 16 شركة نتائجها حتى الآن بمتوسط نمو بلغ 78% مما يرجح استئناف
الأداء الإيجابي للسوق في المستقبل المنظور ، وقد جاء ذلك الارتفاع رغم الركود
المتوقع خلال شهر رمضان وأيضا بعد رفع بنك الكويت المركزي لسعر الخصم بمعدل 0.25%
ليصل إلى 5.75% .
سلاح بذخيرة فاسدة !
وقد قام البنك المركزي بهذه الخطوة في 3/10/2005 كردة فعل مباشرة –
في اعتقادنا – على ارتفاع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بواقع 195 نقطة التي
تعادل 2% وفقا للمؤشر السعري وذلك خلال اليومان اللذان سبقا قرار رفع سعر الخصم
وذلك لكبح جماح الارتفاع الحاد للأسهم والذي قد يترتب عليه تداعيات سلبية قد لا
تظهر آثارها في الأجل القصير .
والذي يبرر تفسيرنا لخطوة البنك المركزي الأخيرة هو عدم رفعة لسعر
الخصم بالتزامن مع الرفع الأخير للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الخصم والذي تم
في السابع والعشرون من شهر سبتمبر الماضي وذلك من 3.5 إلى 3.75% ، وقد كان تصرف
بنك الكويت المركزي موفقا في حينها بعدم رفع سعر الخصم تبعا للفيدرالي الأمريكي
وذلك لتضييق الفجوة الكبيرة جدا والغير مبررة ما بين سعري الخصم والتماشي بشكل
أفضل مع أسعار الخصم السائدة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ، هذا من جهة ومن
جهة أخرى فإنه ثبت بما لا يدع مجالا لشك أن رفع سعر الخصم لا يؤدي الهدف المنشود
منه في تعزيز جاذبية العملة الوطنية كوعاء لجذب المدخرات وذلك لعدة أسباب منها عدم
رفع البنوك لأسعار الفوائد الممنوحة للودائع بالدينار الكويتي بشكل يتناسب مع
ارتفاع سعر الخصم وأيضا للمغريات الكبيرة في سوق الأوراق المالية والتي حاول البنك
المركزي أن يكبحها في خطوته الأخيرة وذلك دون جدوى .
لقد تحول إجراء رفع سعر الخصم إلى سلاح لكن بذخيرة فاسدة في ظل الظروف الحالية
والمتمثلة في ارتفاع السيولة بشكل غير مسبوق ليس في الكويت فقط بل في معظم دول
مجلس التعاون حيث نتفق مع البنك المركزي في ضرورة توجيهها في القنوات المناسبة
لتفادي عواقبها السلبية ، لكن يجب تسليك تلك القنوات لاستيعاب الأموال الضخمة
بعوائد مجزية بالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى وليس باتخاذ قرارات يائسة ومنفردة
قد تضر أكثر مما تنفع والمتمثلة في رفع سعر الخصم مؤخرا كردة فعل مباشرة لارتفاع
أسعار الأسهم .
هيئة الاستثمار والأموال التائهة
ولاشك بأنه تتوفر عدة قنوات من الممكن أن تستوعب السيولة الكبيرة
منها خصخصة بعض المؤسسات خاصة التي لا تحتاج إلى تشريع مسبق من مثل شركة النقل
العام ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وغيرهما وكذلك التوسع في مشاريع البناء
والتشغيل والتسليم المعروفة اختصارا بـ " BOT " ، لكننا نعتقد أنه من المهم أن
تقوم الهيئة العامة للاستثمار بدورها في سبيل استيعاب جزء مهم من السيولة من خلال
استئناف برنامجها لبيع ما تملكه من أسهم في الشركات المدرجة والتي تبلغ قيمتها
السوقية ما يقارب 2 بليون د.ك وفقا للجدول المرفق والذي من شأنه خلق فرص استثمارية
جيدة للأموال التائهة وفي نفس الوقت التخلص من استثمارات لم يعد الاحتفاظ بها أمرا
حيويا وذلك بأسعار جيدة التي ستنعكس إيجاباً على المال العام الذي يفسح المجال
لتفرغ إدارة الهيئة لأولويات أخرى .
وقد أعلنت هيئة الاستثمار عن خطتها لبيع ما تملكه من حصص في بعض
الشركات وذلك في أكتوبر من العام الماضي لكنها تراجعت بشكل سريع وغير مبرر عن ذلك
التوجه عندما خضعت لانتقادات معظمها غير موضوعية والذي يرجع بعضها لمصالح خاصة
بالرغم من تغليفها بالمصلحة العامة ، ونعتقد أن خضوع الهيئة لتلك الانتقادات نابع
من ضعفها ، حيث أنها مطالبة باتباع نفس النهج التي اتخذته الإدارة السابقة خلال
الأعوام 1995 حتى 1998 في سرعة البت في بيع أسهم الحكومة والحسم القاطع لجميع
الأمور المتعلقة بهذا الموضوع وعدم الالتفات لأصحاب المصالح والتردد في اتخاذ
القرارات الذي يتطلب من الإدارة الحالية الإعلان عن برنامج زمني محدد لبيع ما
تملكه من أسهم وحصص في معظم الشركات المدرجة إن لم نقل جميعها لتحقيق عدة منافع
منها امتصاص التخمة المالية الذي من شأنه تنسيق الجهود مع الأطراف الحكومية الأخرى
ومنها البنك المركزي للحد من التداعيات السلبية التي قد تنشأ من عدم توفير فرص
استثمارية وادخارية مواتية للأموال التائهة .
|