قطوف الجُمان



SocialTwist Tell-a-Friend

التاريخ :30/10/2016

                تحليل أسباب طفرة التداول وارتفاع بعض الأسهم   

 في سوق الكويت للأوراق المالية خلال يومي 25 و 2016/10/26

 

إعداد : مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية

مقدمة:

   قفز التداول في سوق الكويت للأوراق المالية إلى 31.0 مليون دك يوم الثلاثاء الموافق 25/10/2016 بالمقارنة مع 10.7 مليون دك لليوم الذي سبقه، أي بزيادة قدرها 20.3 مليون دك وتعادل 190%، كما استمر التداول المرتفع لليوم التالي، أي الأربعاء الموافق 26/10/2016 حيث وصل إلى 33.9 مليون دك، وقد تراجع التداول في اليوم التالي، أي الخميس الموافق 27/10/2016 إلى مستوى 13.8 مليون دك.

مفاجأة واستغراب:

   وقد أثار الارتفاع المفاجىء في قيمة التداولات وبعض أسعار الأسهم الأسئلة والاستفسارات وربما الاستغراب، وذلك بعد فترة طويلة نسبياً من الركود والخمول والتراجع، حيث كان متوسط التداول اليومي خلال شهر سبتمبر الماضي 6.0 مليون دك فقط، حيث تضاعف نحو 5 مرات خلال يومي 25 و 26/10/2016.

سهم "زين":

   وقد سبق القفزة في تداول البورصة - يومي 25 و 26/10/2016 كما أسلفنا - ارتفاع ملفت لسهم "زين" منذ 19/10/2016، وهو اليوم الذي أعلنت الشركة فيه نتائجها، والتي أظهرت نمواً في  أرباحها للربع الثالث 2016 بمعدل 12% و 5% لثلاثة أرباع العام 2016، وهو النمو الاستثنائي غير المتوقع، حيث أن قطاع الاتصالات عموماً يشهد انخفاضاً مستمراً في نتائجه لعدة أسباب منها المستجدات التكنولوجية، كما تشهد "زين" تحديداً ظروفاً سلبية من عدة جوانب ولسنوات طويلة أدت إلى تراجع نتائجها بشكل مستمر لسنوات عديدة.

   وبعيداً عن أسباب ارتفاع أرباح وظروف "زين" خلال ثلاثة أرباع 2016 والربع الثالث 2016 تحديداً، فقد ارتفع سهمها بشكل ملحوظ اعتباراً من 19/10/2016 من 335 إلى 345 فلس، واستمر الصعود حتى تاريخ 26/10/2016 إلى مستوى 420 فلس، أي بمعدل نمو 25% خلال بضع أيام، وذلك مصحوباً بتداول مكثّف بلغ ذروته في 26/10/2016 بمقدار 25.0 مليون سهم.

أداء المؤشرات:

   وقد كان التداول خلال يومي 25 و 26/10/2016 إنتقائياً للغاية، حيث تركز 59% منه على 5 أسهم من نحو 200 سهم مدرج في البورصة الكويتية، وقد عكست المؤشرات ذلك الوضع بدقة خلال الأسبوع المنتهي في 27/10/2016، حيث ارتفع مؤشر "كويت 15"  -والذي يعكس أداء أكبر 15 سهماً في بورصة الكويت - بمعدل 4.5%، كما ارتفع المؤشر الوزني الذي يتأثر بأوزان الشركات بمعدل 3.4%، في حين ارتفع المؤشر السعري  -  والذي يعامل جميع الشركات المدرجة بدرجة واحدة من الوزن  -بمعدل 1.4%، وبذلك يظهر التركيز الواضح على أسهم معينة خلال الأسبوع المذكور، وهي أسهم كبرى في معظمها مثل "وطني"، "بيتك" و "زين"، كما كان لسهم "بنك وربة" الأثر الواضح في رفع قيمة التداول لأسباب سنتطرق لها بإيجاز لاحقاً.

12 سبباً محتملاً للارتفاع :

   ونرجع إلى صلب الموضوع، والمتمثل بالأسباب التي أحدثت "القفزة" في تداول بورصة الكويت في 25 و 26/10/2016، والتي بالتأكيد لا يتوفر إجابة مباشرة دقيقة لها حالياً، لكننا نجتهد في وضع أسباب نعتقد أنها منطقية أو معقولة بغض النظر عن كونها هي الأسباب الحقيقية والمباشرة للـ "الطفرة البورصوية" أم لا، ومنها على سبيل المثال:

1. إتمام صفقة "أغذية" : حيث تم إسدال الستار عليها بشكل نهائي يوم الخميس الموافق 27/10/2016، وقطع الشك باليقين بشأنها بعد شهور عديدة من الأخذ والرد والشكوك والتأكيدات والأخبار والإشاعات ... إلخ.

2. احتمال بيع  حصة "مجموعة الخرافي" في "زين" : حيث أن هذا الموضوع برز بقوة بعد حسم صفقة "أغذية"، كون تلك الصفقة تسدد جزء من مديونيات "المجموعة"، وليس جميعها، كما أعلن صراحة بدر الخرافي أحد قيادي "المجموعة" وهو نائب رئيس مجلس إدارة "زين" عن استعداد "المجموعة" لبيع حصتها في "زين" في حال توفر السعر المناسب.

3. الارتفاع الاستثنائي لأرباح "زين": وذلك كما أسلفنا آنفاً، والذي قد يكون أحد أسباب ارتفاع السهم بشكل ملحوظ، ولكون "زين" ثالث أكبر شركة من حيث القيمة الرأس مالية في البورصة الكويتية بعد "وطني" و"بيتك"، فقد أشاع ارتفاع السهم حالة من التفاؤل -     رغم كونه نسبياً وحذراً    -  من جانب المهتمين في البورصة.

4. الأثر الإيجابي على "وطني" والقطاع المصرفي : حيث أنه بافتراض بيع حصة "مجموعة الخرافي" في "زين" سيكون هناك أثر إيجابي على "وطني" بشكل خاص والقطاع المصرفي بشكل عام، كما ستكون قيمة البيع تسديداً لمزيد من ديون "مجموعة الخرافي"، وبالتالي، قطع شوط كبير في تحصيل مديونيات كبرى متأخرة لسنوات طويلة، والذي سيكون له أثر إيجابي في عدة اتجاهات، ويعتبر "وطني" البنك الراهن الأكبر لأسهم "زين"، وكلما ارتفع سهم "زين" كان ذلك تدعيماً مباشرة لجودة قروض وسلفيات "وطني"، أي حدوث أثر إيجابي تتابعي لأكبر الشركات والأسهم في بورصة الكويت، وهما "زين" و "وطني"، ناهيك عن دعم القطاع المصرفي بشكل عام.

 5. دعم الحكومة للبورصة: تم نشر أخبار في وسائل الاعلام ولم تنفها الجهات المعنية بها بتاريخ 28/09/2016 بضخ الهيئة العامة للاستثمار 100 مليون دك في البورصة من خلال محافظها لدى شركة الوطني للاستثمار وشركة كامكو للاستثمار، وذلك مناصفة فيما بينهما، ونعتقد أن هذه الخطوة تمت فعلاً، وربما بدأت المؤسستان "وطني للاستثمار" و "كامكو" الضخ الفعلي والمؤثر في البورصة خلال الأسبوع المنتهي في 27/10/2016.

6. السيطرة على حصة رئيسية في "بنك وربة": أعلنت "مجموعة الساير" في 19/10/2016 نيتها رفع حصتها في "بنك وربة" من 4.9 إلى 15.0% من رأس ماله، والذي أشعل التداول على أسهم البنك المذكور، وذلك بشكل قياسي منذ إدراج البنك في البورصة بتاريخ  03/09/2013، والذي أشاع التفاؤل نسبياً في البورصة بشكل عام مما أدى إلى ارتفاع التداول بالتبعية، خاصة خلال الأسبوع المنتهي في 27/10/2016، والذي يشمل يومي 25 و 26/10/2016، وهما محور هذا التقرير.

7. رخص أسعار بعض الأسهم: أدت حالة الركود والتراجع في بورصة الكويت خلال السنوات الأخيرة إلى ظهور فرص مغرية لبعض الأسهم، مما شجّع البعض على اقتناص تلك الفرص، والذي أدى بالتبعية إلى رفع قيمة التداول، وربما كان "صائدو الفرص" ينتظرون حدثاً إيجابياً يشجعهم في تنفيذ عملياتهم، وهو الرواج الذي حدث خلال الأسبوع المنتهي في 27/10/2016.

8. اجتماع البنك المركزي مع البنوك: انعقد اجتماع بتاريخ 22/10/2016 ما بين بنك الكويت المركزي من جهة، والبنوك الكويتية من جهة أخرى، لمناقشة القضايا التي تهم القطاع المصرفي بشكل خاص والاقتصاد الكويتي بشكل عام، وقد كان أحد محاور ذلك الاجتماع عدم استخدام البنوك لجزء كبير من التسهيلات المخصصة للاستثمار في الأسهم، وقد رشح من الاجتماع تشجيع المركزي للبنوك لمنح عملاءها تسهيلات للاستثمار في الأسهم وفقاً للضوابط والمعايير المعمول بها، حيث كانت البنوك مترددة في ذلك نظراً لضعف الثقة في البورصة، وكذلك تدني مستويات السيولة فيها إلى مستويات تاريخية.

9. قرب نهاية العام وإعلان النتائج والتوزيعات: عادةً ما تنشط البورصة مع قرب نهاية العام وإعلان النتائج وإقرار توزيعات الأسهم، خاصة إذا كانت هذه المرحلة مسبوقة بمرحلة من التراجع والركود، مما يجعل عوائد التوزيعات خاصة النقدية منها مغرية، والتي غالباً تكون أعلى من عوائد الودائع المصرفية، وربما تنافس عوائد القطاع العقاري.

10. تدخّل الحكومة لمساعدة البنوك: لا شك بأن البنوك لا زالت تعاني من انخفاض الأصول المرهونة لديها، سواءً كانت عقارات أو أوراق مالية، ومن وسائل الحكومة لمساعدة البنوك في هذا المضمار دعم الأسهم المرهونة بالحد من انخفاضها، وربما تعزيز أسعارها قبل إغلاق دفاتر البنوك في نهاية العام، وذلك من خلال المحفظة الوطنية أو الصناديق الاستثمارية التي تشارك فيها الحكومة بشكل رئيسي، والذي سيدعم نتائج البنوك للعام الجاري 2016 بشكل خاص والشركات المدرجة بشكل عام، ولو بشكل محدود.

11. قيام الحكومة بدور صانع السوق بشكل أكبر: منذ انهيار البورصة عام 2008 واللاّعب الرئيسي فيها هي الأموال العامة المتمثلة في الهيئة العامة للاستثمار، وذلك للحد من هبوطها الحاد أو انهيارها، والذي قد يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الكويتي ككل، ورغم تواجد الأموال السيادية في البورصة منذ عقود، إلا أن هناك مطالبات وإلحاح لزيادتها نظراً لاستمرار تفاقم أزمة البورصة من عدة اتجاهات، خاصة فيما يتعلق بالسيولة التي انخفضت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة منذ 15 عاماً، حيث تراجعت إلى 2.8 مليون دك في 01/09/2016، مما رفع الضغوط على الحكومة لزيادة جرعة تدخلها في البورصة لانتشالها من حالة الشلل و"الجفاف" التي تعيشها، وللحد من تفشي ظاهرة التذمر المتصاعدة لدى عموم الشعب الكويتي والوسط الاقتصادي بشكل خاص.

12. انتخابات مجلس الأمة : كانت الحكومة تتدخل في البورصة لإنعاشها عند حل مجلس الأمة، وقد حدث ذلك تاريخياً وبوضوح عدة مرات عام 1976 وعام 1986، وذلك كـ "تكتيك سياسي" لإثبات فشل مجلس الأمة في حل مشاكل البلد، وأنه بغيابه تتحسّن الأوضاع العامة في البلاد ومؤشرها الأول هو سوق الأوراق المالية، ورغم ظروف حل مجلس الأمة الأخير في 16 أكتوبر الجاري التي قد تختلف كثيراً عن ظروف الحل السابقة، إلا أنه لا يمكن استبعاد استفادة الحكومة من الظرف السياسي من خلال البورصة بضخ الأموال فيها أملاً في إنعاشها، وبالتالي، كسب شعبية لدى المواطنين، ولو مؤقتاً !

السؤال المستحق:

   وفي الختام، يأتي السؤال المهم والمستحق الذي يشغل بال واهتمام معظم المعنيين في البورصة وربما "المتورطين" فيها .. وما أكثرهم ! هل الانتعاش المفاجىء خلال الأسبوع الماضي المنتهي في 27/10/2016 وتحديداً يومي 25 و 26/10/2016 يعتبر بداية موجة نشاط حقيقي ومستدام واستفاقة للبورصة من غيبوبة طويلة؟ أم الذي حدث الأسبوع الماضي مجرد قفزة عارضة، أي بمثابة " قفزة القط الميت" في ظل وضع قاتم ومستقبل مظلم ؟!

e – mail: info@aljoman.net             website: www.aljoman.net