17/12/2008
سمو الشيخ سالم العلي الصباح … مآثر ومواقف لن تُنسى
توالت مبادرات سمو الشيخ سالم العلي الصباح الإيجابية تجاه المجتمع والاقتصاد الكويتي ، فقد تبرع بمبلغ 100 مليون د.ك لسداد قروض شريحة كبيرة من المعسرين ، كما تبرع أيضاً بمبلغ 500 د.ك لكل كويتي متقاعد راتبه يساوي أو يقل عن ألف د.ك ، وذلك بمبلغ إجمالي قدره 22 مليون د.ك تقريباً. وفي خضم الأزمة المالية التي عصفت بسوق الكويت للأوراق المالية، صمدت أسعار أسهم الشركات التي يمتلك سمو الشيخ نسباً مؤثرة فيها بشكل ملفت، خاصة البنك التجاري وشركة مجموعة الأوراق المالية ، وذلك بسبب أوامر الشراء الكبيرة على مستويات سعرية جيدة ، حتى سارت تلك الأسهم عكس تيار الانهيار ولو بارتفاع طفيف ، والذي يعتبر إنجازاً كبيراً بكل المقاييس ، حيث بعث ذلك الثقة والاطمئنان بتلك الأسهم ، والذي حد من تفاقم أزمة سوق المال ككل .
ولم تقف مبادرات سموه عند هذا الحد ، بل استمرت وتصاعدت بواسطة أبنائه البررة ، وذلك من خلال العمل الحثيث لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشركات الاستثمارية ذات الأوضاع المالية الحرجة ، وهو ما تم من خلال تقديم القروض والتسهيلات المصرفية إلى تلك الشركات من جانب البنك التجاري الكويتي وشركة مجموعة الأوراق المالية ، بل وحثت البنوك الأخرى - سواء كانت محلية أو عالمية – على تقديم ما يمكن تقديمه من ترتيبات إئتمانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشركات ، وذلك في سبيل تخفيف وطأة الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني قدر الإمكان .
وقد ظهر تميز البنك التجاري واضحاً في الأزمة الحالية بالنظر إلى موقفه الذي يمكن أن يسمى بـ "الوطني والشجاع " بكل ما تحويه الكلمة من معنى ، وذلك بالمقارنة مع البنوك الأخرى والتي كانت مترددة ومتخوفة في معظمها من تقديم تسهيلات جديدة ، أو حتى تجديد التسهيلات القائمة ، ولا شك بأنه يمكن تفهم وجهة النظر المتحفظة للبنوك نظراً لغموض الوضع بشكل عام، وعدم كفاية الرهونات المقدمة ، ناهيك عن احتمال انخفاض تقييمها بشكل كبير وسريع ، وذلك في ظل المفاجآت السلبية المستمرة المتربطة بالأزمة الحالية ، والتي لم تثن البنك التجاري من المضي قدماً في مشروعه الانقاذي لبعض الشركات .
ونعتقد أن موقف سمو الشيخ سالم العلي الصباح – أو من يمثله نظراً لظروفه الصحية – والمتمثل في دعم المؤسسات الاقتصادية، يعتبر موقفاً مشرفاً يستحق الثناء والتقدير كونه موقفا شجاعا ونادرا في مثل هذه الظروف والمتغيرات ، كما تعتبر مبادرة سموه إحراجاً للمقتدرين الكثر الذين يأخذون ولا يعطون ، وذلك بالرغم من إمكانياتهم المادية الهائلة ، والتي يجب أن يوظف جزء منها على الأقل لخدمة الاقتصاد الوطني في مثل هذه الظروف الحالكة ، غير أن هؤلاء يتخذون موقفاً غايةً في السلبية للأسف الشديد .
ويردد البعض بأن موقف سمو الشيخ سالم العلي الصباح أو من ينوب عنه يرجع إلى أجندة خفية أو لأهداف غير مرئية والتي هي للمصلحة الخاصة وليست للمصلحة العامة ، وذلك خلافاً لما هو ظاهر للعيان تماماً ، إلا أننا نعتقد أن التفكير السلبي في هذا الموضوع والتشكيك بالنوايا ليس في محله تماماً ، نظراً لتوالي المبادرات الإيجابية الكبيرة والسخية لسموه دون مَنّ أو أذى ، والتي تحتم على الدولة تقديرها بشكل جدي ومتناسب مع أثرها الإيجابي البالغ ، حيث نقترح تكريم سموه بتسمية أحد الصروح الكبيرة والمميزة باسمه خاصة في الحقل الاقتصادي إن أمكن ، وهذا أقل ما يجب فعله تجاه هذه الشخصية الكويتية التاريخية ، وذلك لتخليد ذكراه بعد عمر طويل حافل بالأعمال الصالحة ، كما يجب أن لا ننسى الرغبات المعلنة من جانب القائمين على البنك التجاري الكويتي وشركة مجموعة الأوراق المالية لتحويلهما للعمل وفقاً للشريعة الإسلامية ، والذي نتوقع أنه ينبع من رغبات صادقة ومخلصة في تجنب الشبهات بما يتعلق بالأعمال المالية الربوية .
وفي الختام ، نسأل العلي القدير أن يشفي سمو الشيخ سالم العلي الصباح عاجلاً غير آجل ، ليطلع بنفسه على البصمات الخالدة التي تركها في نفوس المواطنين الكويتيين على اختلاف شرائحهم وتوجهاتهم ، والذي كان لبعضهم موقفاً سلبياً تجاهه فيما مضى ومنهم كاتب هذه السطور ، كما نسأل المولى عز وجل أن تسير ذريته على نهجه المعطاء والكريم ، وأن يختم له ولنا بالأعمال الصالحة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
بقلم : ناصر النفيسي